U3F1ZWV6ZTE2NDIxOTY5MTY3NjA3X0ZyZWUxMDM2MDM5ODE3MjU5MQ==

مشاكل الاعلاميين والصناعة الاعلامية في التعامل مع الواقع

مشاكل الاعلاميين والصناعة الاعلامية في التعامل مع الواقع:
      يتضح من معالجة الفكر العربي لهذه الموضوعية الالتباس الواضح بين الصناعات الاتصالية الاعلامية ومخرجاتها , والخلط الكبير بين اقتصاديات الصناعة ذاتها واقتصاديات مخرجاتها , فالصناعات الاعلامية ومخرجاتها جزء اساسي من التنظيم الاقتصادي والصناعي , وتمثل في الاساس أصولا غير قابلة للتداول او النقل في بعض الحالات , وتتسم في بعض الحالات بالسرية , في حين ان مخرجاتها واقتصادياتها عبارة عن سلع تخضع لاعتبارات السوق , من حيث العرض والطلب والتسعير والتوزيع والتسويق (64).
    
    ان في حيازة بعض الاقطار بعض الصناعات الاتصالية الاعلامية , مثل صناعة الورق , والاحبار , والالوان الطباعية , وبعض انواع الكبلات , واجهزة الهاتف , وبعض الصناعات الالكترونية البسيطة . وبغض النظر عن مستوى جودتها , واعتمادها على مواد خام محلية او مستوردة , فهذه الصناعات كلها مستوردة , فالعرب مستوردون للمصانع والآلات وقطع الغيار والخبرة . . .الخ, وفي بعض الحالات استوردوا مدخلات اكثر مثل رأس المال الذي استخدم بعد ذلك في نقل الصناعة ذاتها , او العمالة الفنية المدربة اللازمة لتشغيل هذه الآلات وخلاصة ذلك ان العرب "نقلوا " صناعات اتصالية من الخارج الى بلادهم لاشباع بعض احتياجاتهم (65).
     وفي الوقت الذي تؤكد فيه بحوث الجمهور على فكرة الجمهور النشط ِactive Audience في تعامله مع وسائل الاتصال الجماهيرية من خلال الاختيار الانتقائي للوسائل والمضمون والتعرض الانتقائي وعمليات الفهم والتذكر الانتقائي لما يقدم من وسائل اتصالية(66)،تأتي نظرية دوامة الصمت لتؤكد على فكرة سلبية الجمهور من خلال افتراض تأثره القطعي بما يقدم من اتجاهات سائدة في وسائل الاعلام دون ان تقدم النظرية دليلاً قطعياً على ان الاتجاه السائد في وسائل الاعلام يستطيع التغلب على العمليات الانتقائية من جانب الجمهور (67).
       وتمتد الصناعات الاتصالية والاعلامية لتشمل مجالا واسعا جدا من الصناعات التي تتكامل مع بعضها البعض لتنتج لنا سلعة او سلعا محددة . ويكفي المرء ان ينظر الى جهاز التلفزيون الذي ينظر اليه ويتساءل عن عدد الصناعات التي اشتركت في تصنيع هذا الجهاز . وهذا التكامل لايشمل فقط مكونات الصناعة ذاتها , ولكنه يشمل ايضا تكاملا وتطورا ازدهر منذ اعقاب الحرب العالمية الثانية في رؤوس الاموال والخبرات , والتنظيم والادارة والتسويق ، نجم عن احتكار كامل في بعض الحالات , وشبه كامل في حالات اخرى , ليس فقط في الانتاج والسوق ولكن في بنى الصناعة وهيكلها ومدخلاتها ذاتها (68).
          لقد نجم التطور الهائل في هذه الصناعات نتيجة التقدم العلمي والتقاني في ثلاثة مجالات رئيسية , وهي علوم المعلومات ,والاتصالات ووسائلها , وتقانة التهجين(69)، HYBRID TECHNOLOGY (70)، ولم ينجم هذا التقدم الا نتيجة جهود متواصلة وكبيرة في مجالات البحوث والتطور ،ان بعض هذه المعرفة العلمية يمكن نقله الى العالم العربي , وهو مفيد على قلته , لان الشطر الاكبر تحتكره هذه الشركات , وجزء من التقنيات المستخدمة ، وهو قليل ايضا يمكن شراؤه(71).
     ونشير هنا الى دقة الجمهور في تقديره في الاتجاه السائد في المجتمع حالياً ومستقبلاً حول القضايا المثارة في اوساط الرأي العام ،وافتراضها في الوقت ذاته التأثير القوي لوسائل الاعلام وسلبية الجمهور في مواجهة ما يقدم من اتجاهات سائدة في الاعلام حول القضايا المثارة قد اوقعها في تناقض (72).
      فاستثمار العرب في مثل هذه الصناعات يحتاج استثمارات كبيرة , واسواقا كبيرة , وقدرات انتاجية عالية تستطيع المنافسة , وهو غير متاح , وقد تحتاج الى فرض قيود جمركية على الواردات المثيلة , يقابل بردود افعال قد تكون ضارة . وعلاوة على ذلك , لاينجم عن هذه الاستثمارات الكبيرة نمو في العمالة يناسب حجم هذه الاستثثمارات نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الصناعات . والاهم ان السوق العربي لايستطيع بمفرده امتصاص مخرجات هذه الصناعات , وليس في مقدور أي صناعة عربية من هذا القبيل الاتجاه الى اسواق خارج المنطقة العربية ومنافسة هذه الشركات القدرة على اغراق الاسواق بمنتجات اكثر جودة واقل سعرا (73).
       ويوفر التطور الحديث في تكنولوجيا الاتصالات للفرد الكثير من الوسائل التي اصبحت الاقليات تعبر من خلالها عن رأيها وتتبادله مع غيرها من داخل او خارج الدولة في حدود الامكانات المتاحة مثل البريد الالكتروني والمؤتمرات عن بعد من خلال شبكات الحاسبات الالكترونية ،وكذلك استخدام اجهزة الكومبيوتر في اعداد وانتاج الصحف الصغيرة التي يمكن ان تحمل الاراء وتوزعها على الغير (74).
     وخلاصة ما سبق , "ينطوي تطوير صناعة الاتصالات على نتائج مختلفة لها اثرها على بنى الاقتصاد الوطني في مجموعة , وعلى مصادر الثروة في النمو الاقتصادي , وعل انماط وفرص العمالة . . الخ . وذلك امر هام , لان هذه هي الاسباب التي ادت الى تحول قضايا وسائل الاتصال وخدمات الاعلام في كثير من البلدان الى مجالات تخص المخططين والمعنيين بالسياسات الاقتصادية , وهو اتجاه يحتاج الى مزيد من التدعيم .


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة