U3F1ZWV6ZTE2NDIxOTY5MTY3NjA3X0ZyZWUxMDM2MDM5ODE3MjU5MQ==

الجذور التاريخية للاعلام ودورها في حماية حقوق الانسان

الجذور التاريخية للاعلام ودورها في حماية حقوق الانسان :

         تقترن الجذور التاريخية لفكرة الحق في الاتصال بالدعوة الى حرية الراي وحرية التعبير , والتي حصلت على اول اعتراف رسمي بها في المادة الحادي عشر من ميثاق حقوق الانسان والمواطن الذي اعلن في فرنسا عام1789 غداة الثورة الفرنسية(28) , والذي نص على ان التداول الحر للافكار والاراء هو احد حقوق الانسان المهمة , فيجوز لكل مواطن ان يتكلم ويكتب ويطبع بصورة حرة(29) ،مع مسؤوليته عن سوء استعمال هذه الحرية , في الحالات التي يحددها القانون (30) ، وقد بقي هذا المفهوم سائدا في القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين (31)، حيث لحقته تغيرات تحت تاثير النظرية الاشتراكية التي رات انه لايكفي تسجيل حرية الراي والصحافة ، بل افساح الطريق لممارساتها باعتبارها حقا .
       ثم بدا تعبير حرية الاعلام يحل محل الصحافة او يقترن به ليوسع مداه, وذلك في اعقاب الحرب العالمية الثانية (32)، ولاينبغي ان نغفل ان اجتماعات زعماء الحلفاء قبل ان تنتهي الحرب للبحث في مستقبل المجتمع الدولي بعد الحرب قد المحت بشكل او باخر الى حقوق الانسان . ومن ثم قد صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 بعد الميلاد في الامم التمحدة لينص في مادته التاسعة عشرة على ان لكل فرد الحق في ابداء آرائه دون تدخل , وان لكل فرد الحق في حرية التعبير , بما في ذلك استقاء المعلومات او الافكار من أي نوع , وتلقيها , ونقلها بغض النظر عن الحدود (33).
       والذي نود التنويه عنه هنا , ان اعتراف الامم المتحدة بالحريات والحقوق السابقة جاء مقترنا مع اعترافها بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها , أي ان اقرار الحقوق الفردية على المستوى الدولي جاء مصاحبا للاعتراف بالحقوق الجماعية لابناء الوطن الواحد .
       وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد اتخذت قرارها المشهور رقم 59 في 14 كانون الاول/ديسمبر 1946 , في اول دورة لها , الذي نص على ان "حرية تداول المعلومات من حقوق الانسان الاساسية , وهي المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تكرس الامم المتحدة جهودها لحمايتها " وان " حرية الاعلام تتطلب بالضرورة ممن يتمتعون بمزاياها ان تتوافر لديهم الارادة والقدرة على عدم اساءة استعمالها(34) .
       فالالزام الادبي بتقصي الحقائق دون انحياز , ونشر المعلومات دون تعمد شيء يشكل احد القواعد لحرية الاعلام " ،فعليه يجب تطوير التشريعات العربية المتصلة بالاعلام لتتلاءم مع المعايير الواردة في العهود والمواثيق الدولية والغاء القيود التي تعيق حرية اصدار الصحف وملكيتها وادارتها وحرية التعبير وتدفق المعلومات وتداولها .
         وقد اعادت الجمعية العامة للامم المتحدة تاكيد هذه الحقوق ووسعتها ، مع بعض القيود ، في الاتفاقية الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية (35)،لذا يجب رفع اشكال الوصاية والرقابة على وسائل الاعلام بما يضمن ممارستها لمهامها بحرية واستقلال ،كذلك ضمان ممارسة الاعلاميين لمهمتهم بحرية وامان دون أي ضغوط او انتهاك لحقوقهم او تقييد لحريتهم وكفالة الضمانات المهنية التي تمكن الاعلاميين من اداء رسالتهم وفي مقدمتها تسهيل الحصول على المعلومات وحق الصحفي في حماية مصادره .
      وان ممارسة هذه الحقوق تحمل معها واجبات ومسؤليات خاصة , ولهذا فمن الممكن ان تخضع لبعض القيود التي ينبغي ان تظل محصورة في حدود القانون وماهو ضروري لاحترام حقوق وسمعة الاخرين , وحماية الامن الوطني او النظام العام , او الصحة او الاخلاقيات العامة .وتناولت المادة 20 مايتعلق بمنع الدعاية للحرب بالقانون وبمنع الترويج للافكار والاتجاهات العدائية المبنية على اساس وطني او عنصري او ديني ، ونرى تدني مستوى التمتع بالحرية في جميع البلدان العربية ، ولو بدرجات متفاوتة (36).
       على الرغم من ان الاتفاقية كانت خطوة للتقدم الى الامام ,فانها لم تشبع طموحات الدارسين في عقد الستينيات , وبدا واضحا ان ثمة اتجاهات تسعى الى اعادة صياغة بعض المفاهيم السابقة في ضوء التطورات الدولية , وتطور تقنيات الاتصال ذاتها ،لذا يجب ضمان حرية تكوين الجمعيات والنقابات والانضمام اليها ورفع القيود التي تحول دون استغلالها وقيام مؤسسات المجتمع المدني بدورها في التنمية الشاملة وتعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة