بقلم: عبد العالي مزغيش
أن نحتفل بالكاتب الإنجليزي وليم شكسبير في بلادنا شيء رائع، وأن نحتفي بالكاتب الإسباني ميغيل سرفانتس شيء أروع وأن نكرّم الشاعر العربي المتنبي شيء في قمة الروعة، فلا أحد ينكر على هؤلاء الثلاثة تميّزهم في الكتابة وقدرتهم على حفر أسمائهم في كتب التاريخ الأدبي عبر العالم. وحتّى نكون منصفين فإن الندوة الأدبية التي نظمتها وزارة الثقافة السبت الفارط بمناسبة مرور 400 سنة على وفاة صاحب “روميو وجولييت” وصاحب “دون كيشوت”، كانت فكرة جميلة وحدثا ثقافيا نشترك فيه مع كثير من دول العالم في الاحتفاء بهذين الكاتبين الكبيرين، خصوصا وأن وزارة الثقافة تذكّرت بالمناسبة شاعر العربية الأول المتنبي الذي مرّت 1100 سنة على ميلاده العام الفارط، ولم ينتبه إليها منظمو تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
وإذا كان لابدّ من تنويه، فإن التنبيه أولى متى اتّسعت له صدور المسؤولين وقلوبهم، إذ التنبيه عند الخطأ فضيلة، والسكوت عليه خطيئة، ومهمّة الإعلام الثقافي في بلادنا يجب أن تترفّع عن مهنة “التطبيل” للمسؤولين، ورصد نشاطاتهم اليوميّة وتقديمها للجمهور على أنها من “المعجزات” و الأعمال الضخمة والفخمة.
إنّ الإعلام الثقافي اليوم مطالبٌ بالوقوف بالمرصاد لكلّ الأخطاء و “الخطايا” التي تتمّ باسم الثقافة والمثقفين، ودعوني أصارحكم أنني واحد ممّن صاروا يخشون على مستقبل ثقافتنا كلّما اتسعت الهوّة بين الإداريين في قطاع الثقافة والمبدعين، ورغم وجود شاعر على رأس القطاع، إلا أن “أرباب” القطيعة بين الإدارة والمثقف الجزائري يعملون ليل نهار لاستمرارها، وإن لم يضرب الوزير الحالي بقبضة من حديد، فإن كل جهود النهوض والارتقاء ستسقط في الحضيض.
وإذا كان احتفال الوزارة جديرا بالتنويه حين يتعلق الأمر بكاتب مسرحي من روائعه “مكبث” و”هملت” فإن”الدعوة هملت” بالمقابل، ودخلت مرحلة الإهمال، في علاقة المسرح الوطني والمسارح الجهوية بالمخرجين والممثلين المستقلين، حتى أن مخرجا مسرحيا مثل “محمد شرشال” دعا إلى إضراب عن الطعام لفكّ الحصار على كثير من الفنانين المسرحيين في مختلف ولايات الوطن، وهو الحصار الذي يشنّه إداريون في سبيل تكريس هيمنة “الأحادية” ومنطق “لا أريكم إلا ما أرى” في الأعمال المسرحية، ولعلّ صرخة المخرج المسرحي أحمد رزاق للخروج إلى الشارع والوقوف أمام بوابة المسرح للاحتجاج على ما وصل إليه الأمر في بيت محيي الدين بشطارزي من “كيل بمكيالين” وإقصاء وتهميش، هي صرخة جديرة بالإصغاء والحوار وفتح النقاش حول ضرورة تحرير المسرح الوطني والمسارح الجهوية من الجهوية وهيمنة بعض الأشخاص الذين حولوها إلى ملكيات خاصة، بل صار الاستنجاد بالمخرجين من وراء الحدود نوعا من الاستفزاز للمخرجين الجزائريين من ذوي الكفاءات، حتى وصل الأمر بالممثل المسرحي “الهادي صالحي” إلى التساؤل: أي “لوكندا” سينزل فيها المخرجون الجزائريون إذا أصبح المسرح الوطني بيتا قارّا للمخرج المسرحي العراقي جواد الأسدي، الذي أخرج مسرحية تعبّر عن هذه الحالة العبثية، عنوانها “هذا هو بيتي” !؟!، ومادام قطاع الثقافة يحتفي بالأجانب والقادمين من كل حدب وصوب بحثا عن ” الفردوس المفقود” و ” كنوز الملك سليمان”، فإنه لا ضير أن تستقبل الجزائر نقادا مسرحيين وشعراء ومطربين لا يحفظون لبلد الشهداء دعوته لهم، حتى وصل الحدّ بشاعر سعودي مغمور أن صرّح بوقاحة: “سأطلب اللجوء الجنسي في الجزائر” !! .
حين تحتفي الجزائر بالكاتب العالمي “سرفانتس” الذي عاش مدة في الجزائر بعد أن أسره قراصنة جزائريون قبل أربعة قرون، فإنه على وزارة الثقافة منظمة النشاط أن تلتفت حولها لتدرك أن “مغارة سيرفانتس” في الحامة مازالت وكرا لمدمني المخدرات وممارسة الرذائل و “محشاشة” لشرب الخمور ولعب الدومينو، بل تحوّلت منذ سنوات إلى “مرحاض عمومي” غير مرخص “رخّس” سرفانتيس وأساء إلى سمعة القطاع حين يزوره السياح الأجانب فتلتقط أنوفهم الروائح الكريهة بدل أن يلتقطوا فيه الصور، ويستمتعون بالورود والموسيقى والشعر، بل إن وزير الثقافة راعي ندوة شكسبير وسيرفانتس يجب أن يحارب القراصنة في قطاعه، وقد أوشكوا أن يحتلّوا سفينة الثقافة دون هوادة، في تتويج باهر لأكبر عملية قرصنة يشهدها القطاع بدأت منذ تنصيب خليدة تومي، وها هي توشك على رسم معالم مشهد ثقافي ستكون نهايته بلا شكّ كنهاية التيتانيك، حين تصطدم بجبال الجليد التي تتراكم يوما بعد يوم، إن لم يسارع الوزير الشاعر إلى عمليات إنقاذ عاجلة، بدل محاربة الطواحين الهوائية، لأن “المعارك الدونكيشوتية”لن تساهم في تحسين واجهة الجزائر الثقافية ووجهها الفني ووجهتها الفكرية، بقدر ما تتحوّل إلى مادة إعلامية لبعض الصحفيين يقتاتون منها “الخبزة المرّة” ويحوّلونها إلى “معارك مصيرية” تشبه معارك “عباس وراء المتراس” !! .
إننا لن نغيّر من وضعنا الثقافي المتهالك مادمنا نغضّ الطرف عن مشاكل القطاع الحقيقية، فالخطاب السياسي السخيّ بعبارات الغزل والمجاملات وأحلام اليقظة لن يكون مجديا، ولابدّ من أرضية صلبة قوامها الإيمان بروح الاختلاف، والابتعاد عن الإقصاء والتهميش، وتنويع “أجندة” العمل، فليس منطقيا أن نجد “أجندة” مسؤولي الثقافة لا تخرج عن “كمشة” من المثقفين يتسلل بينهم “لمشامشي” و “الجشع” و ” المزيف” و”البزناسي”… !!
معالي الوزير ،،،هل قرأت “كوميديا الأخطاء” ؟؟،،، إن لم تقرأها أنصحك بأن لا تفعل لأن واقعنا الثقافي يجسّد بامتياز عنوان هذه الملهاة الرائعة لشكسبير الذي يطلّ بعد 400 سنة ليهمس في آذاننا رائعته الشهيرة أيضا “جعجعة بلا طحين”، ليردّ عليه المتنبي: جودُ الرجال من الأيدي وجودُهمُ …من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ !!
أن نحتفل بالكاتب الإنجليزي وليم شكسبير في بلادنا شيء رائع، وأن نحتفي بالكاتب الإسباني ميغيل سرفانتس شيء أروع وأن نكرّم الشاعر العربي المتنبي شيء في قمة الروعة، فلا أحد ينكر على هؤلاء الثلاثة تميّزهم في الكتابة وقدرتهم على حفر أسمائهم في كتب التاريخ الأدبي عبر العالم. وحتّى نكون منصفين فإن الندوة الأدبية التي نظمتها وزارة الثقافة السبت الفارط بمناسبة مرور 400 سنة على وفاة صاحب “روميو وجولييت” وصاحب “دون كيشوت”، كانت فكرة جميلة وحدثا ثقافيا نشترك فيه مع كثير من دول العالم في الاحتفاء بهذين الكاتبين الكبيرين، خصوصا وأن وزارة الثقافة تذكّرت بالمناسبة شاعر العربية الأول المتنبي الذي مرّت 1100 سنة على ميلاده العام الفارط، ولم ينتبه إليها منظمو تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
وإذا كان لابدّ من تنويه، فإن التنبيه أولى متى اتّسعت له صدور المسؤولين وقلوبهم، إذ التنبيه عند الخطأ فضيلة، والسكوت عليه خطيئة، ومهمّة الإعلام الثقافي في بلادنا يجب أن تترفّع عن مهنة “التطبيل” للمسؤولين، ورصد نشاطاتهم اليوميّة وتقديمها للجمهور على أنها من “المعجزات” و الأعمال الضخمة والفخمة.
إنّ الإعلام الثقافي اليوم مطالبٌ بالوقوف بالمرصاد لكلّ الأخطاء و “الخطايا” التي تتمّ باسم الثقافة والمثقفين، ودعوني أصارحكم أنني واحد ممّن صاروا يخشون على مستقبل ثقافتنا كلّما اتسعت الهوّة بين الإداريين في قطاع الثقافة والمبدعين، ورغم وجود شاعر على رأس القطاع، إلا أن “أرباب” القطيعة بين الإدارة والمثقف الجزائري يعملون ليل نهار لاستمرارها، وإن لم يضرب الوزير الحالي بقبضة من حديد، فإن كل جهود النهوض والارتقاء ستسقط في الحضيض.
وإذا كان احتفال الوزارة جديرا بالتنويه حين يتعلق الأمر بكاتب مسرحي من روائعه “مكبث” و”هملت” فإن”الدعوة هملت” بالمقابل، ودخلت مرحلة الإهمال، في علاقة المسرح الوطني والمسارح الجهوية بالمخرجين والممثلين المستقلين، حتى أن مخرجا مسرحيا مثل “محمد شرشال” دعا إلى إضراب عن الطعام لفكّ الحصار على كثير من الفنانين المسرحيين في مختلف ولايات الوطن، وهو الحصار الذي يشنّه إداريون في سبيل تكريس هيمنة “الأحادية” ومنطق “لا أريكم إلا ما أرى” في الأعمال المسرحية، ولعلّ صرخة المخرج المسرحي أحمد رزاق للخروج إلى الشارع والوقوف أمام بوابة المسرح للاحتجاج على ما وصل إليه الأمر في بيت محيي الدين بشطارزي من “كيل بمكيالين” وإقصاء وتهميش، هي صرخة جديرة بالإصغاء والحوار وفتح النقاش حول ضرورة تحرير المسرح الوطني والمسارح الجهوية من الجهوية وهيمنة بعض الأشخاص الذين حولوها إلى ملكيات خاصة، بل صار الاستنجاد بالمخرجين من وراء الحدود نوعا من الاستفزاز للمخرجين الجزائريين من ذوي الكفاءات، حتى وصل الأمر بالممثل المسرحي “الهادي صالحي” إلى التساؤل: أي “لوكندا” سينزل فيها المخرجون الجزائريون إذا أصبح المسرح الوطني بيتا قارّا للمخرج المسرحي العراقي جواد الأسدي، الذي أخرج مسرحية تعبّر عن هذه الحالة العبثية، عنوانها “هذا هو بيتي” !؟!، ومادام قطاع الثقافة يحتفي بالأجانب والقادمين من كل حدب وصوب بحثا عن ” الفردوس المفقود” و ” كنوز الملك سليمان”، فإنه لا ضير أن تستقبل الجزائر نقادا مسرحيين وشعراء ومطربين لا يحفظون لبلد الشهداء دعوته لهم، حتى وصل الحدّ بشاعر سعودي مغمور أن صرّح بوقاحة: “سأطلب اللجوء الجنسي في الجزائر” !! .
حين تحتفي الجزائر بالكاتب العالمي “سرفانتس” الذي عاش مدة في الجزائر بعد أن أسره قراصنة جزائريون قبل أربعة قرون، فإنه على وزارة الثقافة منظمة النشاط أن تلتفت حولها لتدرك أن “مغارة سيرفانتس” في الحامة مازالت وكرا لمدمني المخدرات وممارسة الرذائل و “محشاشة” لشرب الخمور ولعب الدومينو، بل تحوّلت منذ سنوات إلى “مرحاض عمومي” غير مرخص “رخّس” سرفانتيس وأساء إلى سمعة القطاع حين يزوره السياح الأجانب فتلتقط أنوفهم الروائح الكريهة بدل أن يلتقطوا فيه الصور، ويستمتعون بالورود والموسيقى والشعر، بل إن وزير الثقافة راعي ندوة شكسبير وسيرفانتس يجب أن يحارب القراصنة في قطاعه، وقد أوشكوا أن يحتلّوا سفينة الثقافة دون هوادة، في تتويج باهر لأكبر عملية قرصنة يشهدها القطاع بدأت منذ تنصيب خليدة تومي، وها هي توشك على رسم معالم مشهد ثقافي ستكون نهايته بلا شكّ كنهاية التيتانيك، حين تصطدم بجبال الجليد التي تتراكم يوما بعد يوم، إن لم يسارع الوزير الشاعر إلى عمليات إنقاذ عاجلة، بدل محاربة الطواحين الهوائية، لأن “المعارك الدونكيشوتية”لن تساهم في تحسين واجهة الجزائر الثقافية ووجهها الفني ووجهتها الفكرية، بقدر ما تتحوّل إلى مادة إعلامية لبعض الصحفيين يقتاتون منها “الخبزة المرّة” ويحوّلونها إلى “معارك مصيرية” تشبه معارك “عباس وراء المتراس” !! .
إننا لن نغيّر من وضعنا الثقافي المتهالك مادمنا نغضّ الطرف عن مشاكل القطاع الحقيقية، فالخطاب السياسي السخيّ بعبارات الغزل والمجاملات وأحلام اليقظة لن يكون مجديا، ولابدّ من أرضية صلبة قوامها الإيمان بروح الاختلاف، والابتعاد عن الإقصاء والتهميش، وتنويع “أجندة” العمل، فليس منطقيا أن نجد “أجندة” مسؤولي الثقافة لا تخرج عن “كمشة” من المثقفين يتسلل بينهم “لمشامشي” و “الجشع” و ” المزيف” و”البزناسي”… !!
معالي الوزير ،،،هل قرأت “كوميديا الأخطاء” ؟؟،،، إن لم تقرأها أنصحك بأن لا تفعل لأن واقعنا الثقافي يجسّد بامتياز عنوان هذه الملهاة الرائعة لشكسبير الذي يطلّ بعد 400 سنة ليهمس في آذاننا رائعته الشهيرة أيضا “جعجعة بلا طحين”، ليردّ عليه المتنبي: جودُ الرجال من الأيدي وجودُهمُ …من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ !!
نشر
إرسال تعليق