U3F1ZWV6ZTE2NDIxOTY5MTY3NjA3X0ZyZWUxMDM2MDM5ODE3MjU5MQ==

الشباب و البيئة




مركز نوار للبحوث و الدراسات
الاستاذ   بورزق نوار ماجستير علم الاجتماع / تخصص بيئة
الشباب و البيئة

خطة العرض

المقدمة
1)    مفهوم الشباب.
2)    أهمية مشاركة الشباب في حماية البيئة.
3)    الأدوار الاجتماعية للشباب تجاه البيئة.
4)    مراكز الشباب والنوادي الاجتماعية والثقافية ودورها في تنمية البيئة وحمايتها.
5)    أساليب تكوين الاتجاهات البيئية للشباب.
6)    الشباب وقضاء وقت الفراغ في الاهتمام بالبيئة.
7)    العوامل المؤثرة على مشاركة الشباب في حماية البيئة.
8)    استراتيجية الأمم المتحدة بخصوص مشاركة وإدماج الشباب في القضايا البيئية.
الخاتمة

المقدمة:
تعد مرحلة الشباب من المراحل العمرية التي تتميز بالقابلية للنمو في النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية والتعليمية وإلى جانب القدرة على الابتكار والمشاركة الفعالة في كل القضايا التي تهم مجتمعاتهم، فأصبح الشباب يمثل مركز اهتمام الباحثين لدوره المحوري في العملية التنموية لأي مجتمع.
وحتى يتمكن الشباب من القيام بدوره فإن المجتمع المسؤول عليه، مطالب بتنشئته وتأهيله بصورة سليمة تتناسب والدور المنوط به.
 ولعل أن مشاكل البيئة أصبحت اليوم الشغل الشاغل لكل فرد من أفراد المجتمع، إلا أن الشباب يبقى من أكثر فئات المجتمع تأثيرا وتأثرا بها فالشباب من خلال ممارساته يمكن أن يضر بالبيئة، بل ذلك هو السبب المباشر إلى هذا الحد من التدهور. غير أن الشباب بإمكانه التقليل من حدة هذا التدهور والقضاء على أهم مشاكل البيئة، إن تحصل على تكوين وإعداد مناسب  لهذا الدور خلال مرحلة تنشئته، كما أن نجاعة استراتيجيات المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالشباب ومدى أهلية البرامج التي تتبعها، كلها عوامل تساعد على حماية البيئة.
إلا أن الأسلوب المتبع في عملية تكوين اتجاهات الشباب نحو البيئة، وجب أن يراعى فيه الأسلوب العلمي القائم على تحديد المشكلة ووضع استراتيجية علاجها (أو حلها) وتقويم مراحل هذه الأخيرة.
وأصبحت البيئة مصدر قلق لدى المجتمع الدولي من خلال سهر أهم منظماته كجامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة على وضع برامج لدمج الشباب في حل مشاكل البيئة.
ويبقى الشباب معاقا في القيام بمهامه تجاه البيئة لأسباب موضوعية وأخرى خارجة عن نطاقه تكون في غالبها راجعة إلى الظروف المحيطة به كقلة الوقت والطاقة والمال، وعدم وضوح المشاركة بسبب غياب الحكم الرشيد والديمقراطية.
فما هو الشباب؟ وما هي أهميته في حماية البيئة؟ وما هو دوره الاجتماعي تجاهها؟
وهو ما سنحاول الإجابة عنه من خلال النقاط التي تطرقنا إليها في هذا العرض.

1) مفهوم الشباب:
أصبح مفهوم الشباب يشير إلى فئة لها نشاطها وفاعليتها في بناء المجتمعات المعاصرة وبدا التساؤل عن من هم الشباب؟
إذا كان البلوغ حقيقة بيولوجية بحتة، فإن الشباب يعتبر حقيقة اجتماعية بالأساس ( علي، 2004، ص 28 ) بل هو يعد ظاهرة اجتماعية تشير إلى مرحلة من العمر تعقب مرحلة المراهقة، وتبدو خلالها علامات النضج الاجتماعي، والنفسي، والبيولوجي واضحة، (سامية، 2003، ص 15). ولقد اختلف علماء الاجتماع والقانون والسكان وعلم النفس الاجتماعي في تعريفهم للشباب فتارة يحددونه بسن بداية ونهاية ومن (15-35 سنة) وتارة يحددونه بمرحلة نمو بيولوجي تكتمل فيه بنية الإنسان ونمو جسمه وأعضاؤه، ولعل أقرب تعريف إلى الحقيقة هو التعريف الاجتماعي الذي يقوم على تقسيم دورة حياة الإنسان إلى ثلاث مراحل تتوقف على مراحل النموالعضوي والنفسي، فهناك مرحلة الطفولة، ثم مرحلة التعليم وصقل المواهب في مرحلة الشباب وأخيرا مرحلة مواجهة الحياة وتحمل مسؤولياتها وضغوطها الاقتصادية والاجتماعية وتشغل جزءا من مرحلة الشباب وما بعد مرحلة الشباب (جامعة الدول العربية، 2006، ص 3).

2) أهمية مشاركة الشباب في حماية البيئة:
يعد الشباب الفئة التي تقع عليها مسؤولية تحمل الدور الطليعي في التصدي لمشاكل البيئة والعمل على حمايتها، لأنهم -الشباب- يمثلون أهم عنصر في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة التي تحتاجها المجتمعات المعاصرة.
فالشباب يمثل أغلبية سكان العالم وبإمكانهم المساهمة من خلال مشاركتهم التوعوية والتربوية وهذا بمختلف الأساليب، ولعل من أهمها الانتظام في الحركات الجمعوية مثلا. إذ "تعد المشاركة الشعبية وسيلة فعالة لتحديد أولويات التنمية البيئية بهدف الوصول إلى القرارات المثلى فيما يتعلق بالأساليب الفنية وإدماج القيم المجتمعية في العمليات التخطيطية، وتحقيق التنمية البيئية من خلال سلوكياتهم في الحياة اليومية ومشاركتهم في برامج ومشروعات التنمية على أساس الشعور بالمسؤولية الاجتماعية أو مساهمتهم بالرأي أو التمويل أو غير ذلك" (نظيفة، 2005، ص 159).
فالشباب عبارة عن قوة اجتماعية تتسم بدرجة عالية من النشاط والحيوية والدينامية المتفردة، كما أنهم الفئة الأكثر رغبة تفي التجديد والتطلع إلى الحديث، فضلا عن أن الشباب في كافة المجتمعات يسعى إلى تأسيس نسق ثقافي خاص بهم ويعبر عن مصالحهم واحتياجاتهم ورغبتهم في التغيير والتجديد (سامية، 2003، ص ص 37 38 بتصرف).
والشباب باعتبارهم مصدر تغيير في المجتمع لكن على الكبار توجيههم بما يعود عليهم بالفائدة، وهذا من خلال لفت اهتماماتهم إلى انشغالاتهم الحقيقية كمشكلات البيئة وضرورة ربطهم بقيمهم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية.

3) الأدوار الاجتماعية للشباب اتجاه البيئة:
الشباب كفئة رئيسية من فئات المجتمع لهم أدوار متنوعة شكلت اهتمام المجتمعات المختلفة قديما وحديثا ... وتشمل المكونات الرئيسية للمنظومة الاجتماعية التي تسهم في تشكيل الأدوار الاجتماعية للشباب ودعمها على الأسرة، المدرسة، تنظيمات الشباب، الأنشطة الاجتماعية المختلفة، والتي تهدف إلى دعم الأدوار الاجتماعية للشباب من أجل تشكيل شخصياتهم لكي يكونوا أعضاء إيجابيين في المجتمع.(سمية، 2003، ص 41) وخاصة بما يتعلق بالمشاكل المحدقة بهم وبالبشرية جمعاء، مثل مشكلة التدهور البيئي إذ تردت أحوال  البيئة إلى درجة أصبحت فيها حياة الإنسان مهددة بالخطر، ووهنا تتعاظم مسؤولية النظام التربوي في إعداد الشباب الذي يجعل من مشكلة البيئة مشكلة مركزية، وهذا من خلال تعليم الإنسان وتثقيفه، وتكوين الاتجاهات والقيم البيئية لديه، إذ أكد التقرير النهائي لمؤتمر تبليسـي عـام 1977 على أهمية التربية والتثقيف البيئي.
وإذا كانت التربية البيئية والتثقيف البيئي ضروريان لكل البشر، فهما أشد أهمية بالنسبة للشباب، فهم نصف الحاضر وكل المستقبل وأمل الوطن. واكتمال النضج بحكم تكوينهم الفسيولوجي والعقلي والنفسي في هذه الفترة من نموهم والتي ينبغي أن يستغل أحسن استغلال، في تطوير بيئة مجتمعهم المحلي وتفريغ طاقتهم في مشروعات بيئية نافعة لهم وللبيئة المحلية (جامعة الدول العربية، 2006، ص ص 2، 3).
وعليه فإن عملية التنشئة الاجتماعية  في مرحلة الشباب تكتسي أهمية خاصة من حيث عدد المؤسسات التي تشارك فيها، إذ أنه كلما اتجه الفرد إلى النضج كلما زاد عدد المؤسسات التي تشارك في تأهيله، هذا إلى جانب أنها تتميز خلال هذه المرحلة بكونها أكثر فاعلية، بالإضافة على أن الشباب يعني المرحلة التي تتم فيها الممارسة الواعية للحياة وفقا لمعايير التنشئة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية، ومن ثم نجد أن الشباب يعايش مرحلة تجريب المعايير التي اكتسبها، يكشف عن نواقصها التي قد تتبدى له من خلال تجسداتها الواقعية. (ليلى، 2004، ص 98).

4) مراكز الشباب والنوادي الاجتماعية والثقافية ودورها في تنمية البيئة وحمايتها:
توجد العديد من المنظمات الاجتماعية التي تعمل مع الشباب مثل مراكز الشباب والأندية الاجتماعية والثقافية، ويمكنها من خلال عملها في هذه المنظمات، العمل على حماية البيئة وتنميتها من خلال اكتساب الشباب المعارف، والاتجاهات والمهارات البيئية اللازمة لتحقيق ذلك، وكذلك تشجيعهم على المشاركة الفعالة في برامج ومشروعات حمايتها وذلك من خلال ما يلي:

أ) المناقشة الجماعية واستخدام أساليب حل المشكلات
تعتبر المناقشة أسلوبا جماعيا لعرض وتحليل المشكلات والمواقف للوصول إلى قرار معين أو حل لمشكلة معينة أو تفهم لموقف معين، وهذا من خلال مساعدة الشباب أعضاء هذه المراكز على تنظيم المناقشات الجماعية حول المشكلات البيئية، وإتباع خطوات تحديد المشكلة وتتضمن:
* تحديد المشكلة البيئية أو الموضوع المراد مناقشته.
* تزويد الأعضاء بالمعلومات والبيانات اللازمة عن موضوع المناقشة.
* تحديد الحلول البديلة للتعرف على مزايا وعيوب كل حل.
* تقييم الحلول البديلة للتعرف على مزايا وعيوب كل حل.
* وضع خطة للعمل المناسبة للتعامل مع الموقف البيئي.
* التحرك لتنفيذ الخطة المقترحة بعد توزيع المهام والمسؤوليات.
* تقويــم العمــــل.

ب) تشكيل جماعة أو لجنة للبيئة:
وهي نواة مختلف أعمال حماية البيئة كدراسة الموضوعات والمشكلات البيئية والتخطيط والتنظيم لمشروعات حماية البيئة

جـ) إقامة المسابقات حول موضوع البيئة:
وذلك لتنافس أعضاء وجماعات هذه المؤسسات في مشروعات حماية البيئة، وقد تكون هذه المسابقات في صورة بحوث ودراسات حول موضوع بيئي أو مشروعات النظافة والتشجير والحد من التدخين والتلوث والضوضاء ومشروعات الخدمة العامة وإقامة المعارض حول موضوعات البيئة.

د) إقامة المعسكرات التدريبية ومعسكرات الخدمة العامة:
ويقصد بالمعسكر التدريبي المعسكر المصمم لتدريب بعض الأعضاء على مشروعات وبرامج حماية البيئة من خلال برنامج محدد، ومعسكرات الخدمة العامة هي المعسكرات التي تقام للمساهمة في المشروعات البيئية سواء داخل المراكز أو خارجها في المجتمع المحلي والتعاون مع المؤسسات القائمة في المجتمع كالمدارس والأحزاب والجامعات.

هـ) مشروعات الخدمة العامة:
وقد تكون هذه المشروعات، مشروعات طويلة أو قصيرة يشارك فيها أعضاء المراكز وكذلك أعضاء المجتمع المحلي، كمشروعات النظافة والتشجير وترقيم وطلاء الشوارع وغيرها.

و) يوم البيئـة:
استغلال اليوم العالمي للبيئة الموافق لـ 05 جوان، والاحتفال به من طرف مراكز الشباب والأندية الاجتماعية والثقافية، فتقام المسابقات المختلفة، وتبرمج فيه المشاريع البيئية بجانب الندوات والمحاضرات لإثارة الوعي البيئي (نظيفة، 2005، ص ص 239، 240).

5) أساليب تكوين الاتجاهات البيئية للشباب
يعني ذلك اكتساب الشاب لسلوكات ومهارات إيجابية تجاه، ولهذا هناك العديد من النظريات التي تساعد على ذلك، وبناء عليه يمكن الوصول إلى هذا الهدف بإتباع الأساليب التالية:

1- أسلوب تعديل السلوك:
فطبقا لنظرية التعلم بالاشتراط، فإن الفرد يكتسب اتجاهات إيجابية نحو البيئة ويتعامل تعاملا واعيا معها إذا اقترن هذا الموضوع بشيء سار، كما قد يكتسب اتجاها سلبيا إذا اقترن الموضوع بشيء غير سار. فالاتجاه الايجابي أو السلبي والتعامل الواعي أو غير الواعي مع البيئة يعتمد إلى حد كبير على الخبرات الايجابية أو السلبية التي تقترن بها, ويمكن ذلك عن طريق:
أ- استخدام الطرق التدعيم الايجابي بتحسين البيئة وذلك بتقديم الحوافز المادية أو المعنوية عندما يقوم العملاء بسلوك إيجابي كالاشتراك في مشروعات حماية البيئة أو التصرف نحو البيئة بسلوك إيجابي.
ب- استخدام طرق التدعيم الايجابي للحد من الآثار السلبية للسلوك البيئي, و ذلك عندما يتعدل سلوك الأعضاء أو يتخلص أحد الأعضاء أو الجماعات من السلوك بيئي ظاهر كترشيد استخدام الطاقة أو الإقلاع عن التدخين أو الضوضاء.
ج- استخدام الطرق التدعيم السلبي في تعديل سلوك بعض الأعضاء أو الجماعات كحرمان الأعضاء غير الملتزمين من التمتع بالمزايا المتعددة في تلك المؤسسات.

2- استخدام الأساليب التعلم الاجتماعي:      
حيث تقدم نظريات التعلم الاجتماعي تغييرا لبعض الطرق التي يتكون بها السلوك أو الاتجاه نحو البيئة، وذلك عن طريق:
- التوضيح: وذلك لشرح وإبراز فكرة التفاعل بين الإنسان وبيئته والاعتماد المتبادل بينها لإيجاد علاقة متوازنة بينها وإكسابهم المعرفة والوعي بالبيئة ومهارات  حل المشكلات البيئية.
- الإقناع: وذلك لاكتسابهم اتجاهات عقلية ونفسية إيجابية مع البيئة أكثر وعيا في تعاملهم مع البيئة.
- لعب الأدوار: وذلك من خلال تعليم بعض الأعضاء البارزين من أعضاء مؤسسات الشباب للقيام بأدوار معينة وسلوكيات إيجابية نحو البيئة، لكي يقلده الأعضاء الآخرون. (نظيفة، 2005، ص ص 241، 242).

6) الشباب وقضاء وقت الفراغ في الاهتمام بالبيئة:
إذا كان وقت الفراغ في أحد جوانبه ترويحا فإنه لا بد أن تكون هناك الجوانب التي تهتم أساسا بتطوير الشخصية، التي تتجه إليها هذه البرامج، إذ يجب أن يهدف البرنامج الترويحي إلي  تفريغ التوترات الناتجة عن المعانات اليومية أما الجانب الآخر، فيجب أني عمل من خلاله على الارتقاء المادي والمعنوي بملكات الشخصية عن طريق دعمها بكفاءات جديدة تجعلها أكثر مهارة وإتقان، بحيث يعود ذلك بالفائدة على حياته اليومية الإنتاجية. في إطار ذلك أيضا لا بد من تأسيس برامج لشغل أوقات الفراغ ذات طبيعة جماعية، تتيح مشاركة فئات شبابية  عديدة بشكل فعلي، بحيث ييسر ذلك تفاعل عناصر البناء الشبابي بما ييسر  إفراز ثقافة وخصائص شبابية متميزة، بل وموقف شبابي محدد ومتميز يسوده تجانس داخلي إلى حد كبير (ليلى، 2004، ص 155). وخاصة فيما يتعلق بالقضايا البيئية ففي وقت الفراغ يمكن للشباب أن يبرمجوا أنشطة تنمي مهارات وسلوكاتهم تجاه البيئة وخاصة في حال توفر جمعيات ومنظمات تنشط في هذا الإطار مما يساعدهم على هيكلة أنفسهم وتأطير أنشطتهم، وتوجه مجهوداتهم ليتم استغلالها أحسن استغلال، وخاصة أن اليوم البيئة من أهم أبعاد التنمية المستديمة حيث تركز فلسفة التنمية المستديمة على حقيقة، نقول بان استنزاف الموارد البيئية الطبيعية التي تعتبر ضرورة لأي نشاط زراعي أو صناعي سيكون له آثارا ضارة على التنمية والاقتصاد بشكل عام، لهذا فإن أول بند في مفهوم التنمية المستديمة هو محاولة الموازنة بين النظام الاقتصادي والنظام البيئي بدون استنزاف الموارد الطبيعية مع مراعاة الأمن البيئي (جميل، 1997، ص 03).

7) العوامل المؤثرة على مشاركة الشباب في حماية البيئة:
 إن حماية البيئة قضية أخلاقية واجتماعية وسياسية تقضي مساهمات كل فئات المجتمع، إلا أن المسؤولية الكبرى تلقى على فئة الشباب أنها الفئة التي ينتظرها المستقبل وتنتظره بكل حيثياته غير أن مشاركة الشباب تؤثر عليها جملة من المؤثرات، ومنها بصفة عامة:
عدم توفر الوقت أو الطاقة أو المال: في غياب وقت حتى وإن توفر فهو غير مستغل في قضايا البيئة أو المال أو الطاقة، وخاصة في ظل تفشي البطالة مع غياب الوعي، حيث يكون الشباب في حاجة إلى إشباع حاجته البيولوجية والفسيولوجية وهنا نسترشد بمضامين نظرية ما بعد المادية في تفسيرها لنشوء الوعي، حيث أن الشباب مع الأزمات المالية ستتركز كل جهوده في إيجاد مخرج منها.

فشل القيادات وعدم فعاليتها في اتصالها بسكان المجتمع: ويفسر ذلك بالقطيعة التي يمكن حدوثها بين الشباب وقادتهم بسبب غياب الحكم الرشيد والديمقراطية، والذي يتسبب بقراراته الفردية غير الجماهيرية، يمكن أن يؤدي بالدولة إلى الهلاك والدمار البيئي، في حين يؤدي الحكم الراشد والديمقراطية إلى الاهتمام بالمشاكل البيئية باتخاذ قرارات اتجاهها ومراعاتها أثناء تنفيذ خطط التنمية الشاملة، وحتى إذا ظهرت مشكلات بعد تنفيذ خطط التنمية تتكاثف جهود الجهات الشعبية والمجتمع المدني والجمعيات والقطاع الخاص والأجهزة التنفيذية للحد من آثار هذه المشكلات والتخفيف من حدتها وعلاجها من جذورها (الجامعة العربية، 2006، ص 48)، وهو ما يقودنا إلى التطرق إلى عدم فاعلية الأجهزة التي تتم من خلالها المشاركة عندئذ وعدم وضوح مفهوم المشاركة وأهميتها بالإضافة إلى التحالف بين الحكومات وأرباب القطاع الخاص وهو ما يدفع بالشباب على التخلي عن مهامه في تأسيس جمعيات حماية البيئة، وهذا وفقا لنظرية الانغلاق السياسي خاصة إذا كان ذلك متزامنا مع تفشي نسبة الأمية والجهل في المجتمع بشكل كبير.

8) استراتيجية الأمم المتحدة بخصوص مشاركة وإدماج الشباب في القضايا البيئية:
وضعت الأمم المتحدة مشروعا استراتيجيا طويل المدى بخصوص إشراك وإدماج الشباب في القضايا البيئة والتي تم إعدادها تبعاً للمقرر 21/22 لمجلس الإدارة المؤرخ 9 شباط/فبراير 2001. و هذا طبقاً لمفهوم شامل يطلق عليه “Tunza”، فإن استراتيجية برنامج الأمم المتحدة للبيئة هي عبارة عن خطة لمدة ست سنوات صممت لزيادة مشاركة الشباب في القضايا البيئية. وهدفها هو خلق اتجاه عالمي يتمكن من خلاله الأطفال والشباب من المشاركة بفعالية في الأنشطة البيئية. حيث تنشد تقوية، وحث، وتمكين دمج الأطفال والشباب في التنمية المستدامة. والهدف من الاستراتيجية هو تنشئة جيل من مواطنين لديهم وعي بيئي يمكنهم التأثير بإيجابية في عمليات صنع القرار وتحمل مسؤولية خلق عالم مستدام.و قد تلقت أنشطة برنامج الأمم المتحدة للبيئة الخاصة بالشباب تأييداً قوياً من مجلس الإدارة والإدارة العليا استفاد من شبكات الاتصال المكثفة الإقليمية والعالمية الخاصة بالشباب حيث مكنت المنظمة من توصيل المعلومات البيئية لأكثر من 180 بلداً. ومع ذلك فقد حد النقص في الموارد المالية والبشرية من عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع الشباب إلى حد كبير مما نتج عنه اعتماد هذه الأنشطة إلى مدى كبير على احتمالات تمويل على أساس مقارنة الأولويات الأساسية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة مع احتياجات الشباب. ويبقى التغلب على نقص الوعي البيئي بين الشباب هو التحدي الأكبر لعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع الشباب. كما تُعتبر مشاكل الضغط الأخرى المؤثرة على الشباب مثل الفقر والبطالة وضرر فيروس نقص المناعة البشرية/نقص المناعة المكتسبة أيضاً من التحديات الكبيرة. ومع ذلك يوجد اهتمام متنام بين الشباب يشمل المدارس ومنظمات المجتمع ومجموعات الشباب بالبيئة وببرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وتقدم شبكة "الإنترنت" على وجه الخصوص فرصة فريدة للوصول إلى ملايين الشباب ليس فقط في البلدان المتقدمة ولكن أيضاً في البلدان النامية، حيث على الرغم من حقيقة أن استخدام شبكة "الإنترنت" ما زال منخفضاً إلا أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة رصد عدداً متزايداً باستمرار من التساؤلات الإلكترونية من الشباب. وتقدر وحدة الأطفال والشباب الخاصة بقسم الإتصالات والمعلومات العامة أنها تستقبل حالياً في المتوسط حوالي 000 15 تساؤل إلكتروني من الشباب كل عام، 30% منها تصدر من البلدان النامية. 
    تعمل الاستراتيجية على دمج كل أنشطة برنامج الأمم المتحدة للبيئة والخاصة بالأطفال والشباب في شبكة عالمية موحدة تسمى “Tunza”. سوف تعزز شبكة “Tunza” وتقوي الأنشطة الحالية وتقدم أخرى جديدة من خلال نهج موحد وستعمل على الوصول والإلهام لشباب أكثر في كل أرجاء العالم. سوف تتضمن جوانب التركيز الرئيسية على:

    (أ)    بناء الوعي. سيقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بإعداد وتنفيذ مناسبات كثيرة لزيادة الوعي البيئي للشباب وطنياً وإقليمياً وعالمياً وذلك لتمكينه من التغلب على التحديات البيئية؛
    (ب)    الشباب في عمليات صنع القرار وبناء القدرات. سيقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بتنظيم ودعم وتسهيل إندماج قادة الشباب في دورات مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمؤتمرات الإقليمية لوزراء البيئة والمفاوضات البيئية الدولية الأخرى وذلك لتعزيز دور الشباب في عمليات صنع القرار؛
        (ج)    بناء القدرات. سينظم برنامج الأمم المتحدة للبيئة أيضاً حلقات علمية وحلقات عمل وأنشطة لزيادة القدرات البيئية للشباب؛
    (د)    تبادل المعلومات. سيستمر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تطوير المطبوعات والوسائل المرئية والمعلومات الإلكترونية التي تصل إلى الشباب في المدارس والمجتمع المدني لكل الأقاليم.
    كما سيقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة من خلال برنامج “Tunza” بتقوية وتشكيل وسائل إتصال بوكالات وإدارات الأمم المتحدة وثيقة الصلة لتأكيد مشاركة أكبر للشباب في القضايا البيئية. ستتضمن وسائل الإتصال تلك، العمل مع وحدة الشباب الخاصة بإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية من أجل إدماج الشباب في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجان التنمية المستدامة والتنمية  الاجتماعية؛ والإندماج بصورة أفضل في شبكة مشروع المدارس المرتبط والخاص بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وأصوات برنامج الشباب الخاص بصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)؛ وتكثيف وسائل الإتصال مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومراكز ودوائر الأمم المتحدة للمعلومات لنشر المعلومات والعمل مع الشباب على كل المستويات. سيقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة أيضاً بتقوية وإنشاء مشروعات مشتركة تعنى بالقضايا المتداخلة مثل الشباب والسكان والبيئة والفقر مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ والأطفال والصحة والبيئة مع اليونسيف ومع منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع مكتب نيويورك التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والشباب والتحضر والتنمية مع مؤسسة الأمم المتحدة للموئل.
    و سيواصل برنامج الأمم المتحدة للبيئة العمل مع شركاء المجتمع المدني والقطاع الخاص. وفي هذا الخصوص سيكثف برنامج الأمم المتحدة للبيئة عمله من الشركاء مثل الجمعية العالمية للسلام والتنمية باليابان واتحاد الرياضات العالمي في زيادة التمويل والتنفيذ المشترك للمشروعات. سيقوي برنامج الأمم المتحدة للبيئة أيضاً من عمله مع منظمات الشباب الدولية مثل المنظمة العالمية للمرشدات والكشافة والمنظمة العالمية للحركة الكشافية والرتاري الدولي ومع منظمات الشباب الوطنية والإقليمية للوصول للشباب ومساعدته في المشاركة في تنفيذ البرامج البيئية. سيقوم برنامج الأمم المتحدة  للبيئة أيضاً بتقوية عمله مع شركاء مختارين من القطاع الخاص لتمويل وتدعيم مبادرات الشباب البيئية.
    وأخيراً، سيكثف برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أنشطته مع الشباب من خلال مكاتبه الإقليمية. وتتضمن مبادراتها حالياً: "كوكب المراهقين" وهي مجلة للمكتب الإقليمي لأوروبا، والنشرة العالمية للبيئة لمشروعات الشباب والخاصة بالمكتب الإقليمي لأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي؛ ومشروع المندوب البيئي للشباب للمكتب الإقليمي لآسيا والمحيط الهادئ والجهود المشتركة للمكاتب الإقليمية لغرب آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية. (الأمم المتحدة، 2003، ص-ص، 2-4)

الخاتمة:

باتت البيئة مشكلة العصر بلا نزاع، وأصبحت تدخل في كل حوار دون استئذان، وفي الوقت نفسه يعتبر الشباب العمود الفقري لكل مجتمع ومركز اهتمامه، وهو مستقبل كل مجتمع فكان لزاما عليه إعداده وبما يتلائم ومخططاته التنموية.

فالشباب يمكن إعداده من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة والتحكم في سلوكاته واتجاهاته، زيادة إلى وجود المؤسسات التي تهتم بتقديم خدماتها لهم، حيث تساهم في تحسيسه بأهمية البيئة والآثار المترتبة عن كل تدهور يلحق بها، ومساعدته على المساهمة في حمايتها والمشاركة في تنميتها، وخاصة أنه أصبح اليوم البعد البيئي ركيزة أساسية في مفهوم التنمية المستدامة، وهو الهدف المنشود من قبل المجتمع الدولي بصفة عامة والمجتمعات المحلية بصفة خاصة، ولهذا يحرص الجميع على الاهتمام بالشباب في علاقته مع البيئة، حيث يتجلى ذلك أكثر من خلال استراتيجية الأمم المتحدة في إدماج الشباب في قضايا البيئة. إلا أن هناك عوامل تؤثر على مشاركة الشباب في حماية البيئة منها على وجه الخصوص الأزمات المالية وضعف التواصل بين القيادة والسكان وفهم فئة الشباب على وجه الخصوص وهذا راجع إلى غياب الحكم الرشيد والديمقراطية. ولمزيد من التوضيح في هذه النقاط يمكن الرجوع إلى مخطط الأمم المتحدة في إدماج الشباب في القضايا البيئية.
قائمة المراجع

1)    سامية الساعاتي : الشباب العربي والتغيرات الاجتماعية، الدار المصرية اللبنانية، 2003.

2)    علي ليلى : الشباب والمجتمع أبعاد الاتصال والانفصال، المكتبة المصرية، 2004.

3)    نظيفة أحمد سرحان: منهاج الخدمة الاجتماعية لحماية البيئة من التلوث، دار الفكر العربي، 2005.

4)    جميل ظاهر : النفط والتنمية المستدامة في الأقطار العربية الفرض والتحديات، ديسمبر 2007.

5)    جامعة الدول العربية : الدليل المرجعـي للشباب العربـي في مجـال الحفـاظ على البيئة، سبتمبر 2006 على الموقع: WWW.unep.org.bh الأربعاء: 28/02/2007 على الساعة 12:20.

6)    الأمم المتحدة : المنتدى البيئي الوزاري العالمي، فيفري 2003، على الموقع: http://www.unep.org/GC/GC22/Document/k0263639.a.doc
الثلاثاء : 05/06/2007 الساعة 15:31.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة